للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد انتصر كتاب الله في وصف الدابة على أمر واحد هو أنها (تُكَلِّمُهُم) وهو بالتشديد على قراءة الجمهور، وقُرئت بالتخفيف أيضا (دابة من الأرض تَكْلِمُهُم). والقراءة بالتشديد (دابة من الأرض تكلِّمهم) تفيد معنيين اثنين:

فعلى ان هذا اللفظ مأخوذ من " الكلام " وهو الخطاب يكون المعنى أنها تخاطبهم، وتفسره قراءة أبي (تنبئهم)، وقراءة يحيى بن سلام " تحدثهم ".

وعلى أنه مأخوذ من " الكلم " وهو الجرح، وجمعه كلوم، يكون التشديد فيه للتكثير والمبالغة، يقال كلم فلان فلانا إذا بالغ في كلمه وجرحه، وفلان مكلم، أي مجرح بجروح كثيرة، ويشهد لهذا المعنى القراءة الواردة هنا بالتخفيف (تَكْلِمهم) مضارع كلمه يكلمه إذا جرحه فهو مكلوم وكليم، وهذه القراءة مروية عن ابن عباس ومجاهد وأبي زرعة وابن جبير وأبي رجاء وغيرهم، وسأل أبو الجوزاء ابن عباس عن هذه الآية: " "تكلمهم أو تكلمهم" فقال: "كل ذلك تفعل، هي والله تكلم المومن، وتكلم الكافر والفاجر ".

ولغرابة أمر هذه الدابة التي توعَّد الله بها الأشقياء من عبادة قبل قيام الساعة أطلق غير واحد من المتقدمين والمتأخرين العِنان لخياله الخصب، فأخذ كل منهم يتحدث عنها كأنه يراها رأي العين، فوصفوا خلقتها وماهيتها، وقدروا جسمها وحجمها، وعيَّنوا موضع خروجها وكيفية خروجها وعدد المرات التي تخرج فيها،

<<  <  ج: ص:  >  >>