لأنه لم يبق في صلاح حالهم أدنى أمل ولا رجاء، وذلك معنى قوله تعالى:{وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ} أي حل الوقت الذي يقع فيه سخط الله وغضبه عليهم، وعذابه لهم، طبقا لما تضمنه " القول الأزلي " السابق من الله، في حق من انتهك حرمات الله، وتحدى أمره وعصاه، فوقوع القول يتضمن وجوب إنزال العقاب بهم، إذ مع الاستمرار في الإصرار والاستكبار لم يبق محل للإنذار ولا للإعذار.
ويتأكد هذا المعنى بقوله تعالى في آخر الآية نفسها في نفس السياق، وقد سيق مساق التعليل:{أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ} وقوله تعالى بعد ذلك: {وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ بِمَا ظَلَمُوا فَهُمْ لَا يَنْطِقُونَ}. وورد في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" ثلاث إذا خرجن لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا: طلوع الشمس من مغربها، والدجال، ودابة الأرض ".
وقوله تعالى:{أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ} يفهم منه ان هذه الدابة تنفذ من خلال طبقات الأرض، وذكرها في الآية بصيغة النكرة دون تعريف يفيد أنها دابة غريبة التكوين، على خلاف الدواب التي عرفها البشر، وأنها فريدة في شكلها، وفي الأثر البالغ والهول العظيم الذي يحدثه ظهورها بين البشر، ولولا أنها خارقة للعادة في عالم الدواب لما جعلها الله علامة من علامات الساعة، ولما كانت مظهرا " لكلمة العذاب " التي حقت وقتئذ على الكافرين والفاسقين، والشاكين في ربهم والجاحدين.