{وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا} أي فرق بينهم فأغرى بعضهم ببعض، وسلط بعضهم على بعض، حتى يكونوا أطوع له من بنانه، ويستسلموا لعدوانه وطغيانه.
{يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ} المراد " بالطائفة المستضعفة " في ذلك العهد بنو إسرائيل، ويجري على غيرها من الطوائف المستضعفة في بقية العهود ما جرى عليها. قال ابن عباس:" لما كثر بنو إسرائيل بمصر استطالوا على الناس وعملوا بالمعاصي، فسلط الله عليهم القبط وساموهم سوء العذاب، إلى أن نجاهم الله على يد موسى ".
{إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ} سجل كتاب الله هنا على فرعون صفة " الفساد " التي هي أبغض صفة إلى الله تحرق الأخضر واليابس، وتدمر البلاد والعباد، وبهذا التسجيل الإلهي المؤكد أبرز كتاب الله أنه لا يرضى للرؤساء من عباده الكبر والجبروت، ولا يرضى للمرؤوسين منهم الفرقة والشتات، ولا يرضى استضعاف طائفة وتسخيرها وإهدار حقوقها لصالح بقية الطوائف، وإنما يرضى لهم جميعا المساواة في الحقوق والواجبات والعيش الكريم.
{وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ} هذا وعد من الله بالنصر والتمكين لمن استضعفوا في الأرض، فالتجأوا إلى الله، واعتصموا بحبله واحتموا بحماه، فإذا استكبروا بعد