الضعف، وانقلبوا أئمة للكفر والفساد، وكلهم الله إلى أنفسهم فانقلبوا صاغرين ورسفوا في الأغلال والأصفاد.
{وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ} هذا إنذار من الله لفرعون وهامان ومن سلك مسلكهما في الاستعلاء والطغيان، على ضعفاء بني الإنسان، بأنه سيهدم بنيانهم، ويدك أركانهم، بأيدي أولئك الضعفاء حتى يضرب بهم المثل فيقال:(على الدُّنيا العَفَاء).
{وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ} أجمع العلماء على أن " أم موسى " لم تكن نبية، " فالوحي " المسند إليها هنا وحي إلهام، لا وحي إعلام، والمراد " باليمِّ " هنا وادي النيل الذي يخترق أرض مصر {وَلَا تَخَافِي} أي لا تخافي من غرقه وضياعه، ولا تخافي من أن يلتقطه من آل فرعون من يقتله {وَلَا تَحْزَنِي} أي لا تحزني لمفارقتك إياه.
{إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ} هذا وعد صادق من الله لأم موسى، يهدئ روعها، ويطمئن قلبها، ويبشرها بحياته وجعله رسولا {اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} قال أبو حيان: " استفصح الأصمعي امرأة من العرب أنشدته شعرا فقالت له: أبعد قوله تعالى: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ} فصاحة؟ وقد جمع بين أمرين، ونهيين، وخبرين، وبشارتين ".