{فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا} هذا مظهر من مظاهر العناية الإلهية، فقد سخر الحق سبحانه وتعالى وهو اللطيف الخبير لإنقاذ موسى من الغرق والقتل أعدى أعاديه من آل فرعون، فالتقطوه للتربية والتبني، ولو عرفوا سوء العاقبة الذي ينتظرهم على يده لاعتبروه أخطر عدو، وقضوا عليه في المهد، لكن الله تعالى الذي قدر الانتقام من طغيانهم وفسادهم، وكفرهم وعنادهم، على يد نبيه موسى، أعمى منهم البصائر والأبصار، لتنفذ فيهم عند حلول الأجل سهام الأقدار، والحزن بفتح الحاء والزاي على لغة قريش هو الحزن عند بقية العرب.
{إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ} أي كانوا خاطئين في كل شيء، ولم يصادفوا الصواب في أي شيء، فلا غرابة إذا أخطأوا في تربية موسى الذي اصطفاه الله لرسالته، ليكون مصيرهم المفجع على يده وبقيادته، ومعنى " الخاطئ " المتعمد للخطأ، ويطلق على من لا يتعمد الخطأ لفظ " مخطئ " وإنما أضيف الجند في هذه الآية: {إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا} وفي الآية السابقة: {وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا} إلى كل من فرعون وهامان، وإن كان هامان مجرد وزير لا جنود له، لأن المال هو قوام الجيش. وتسيير شؤون الدولة، وجباية الأموال اللازمة لمرافقها، لا يتم أمرهما إلا على يد الوزراء وبمعونتهم، فلهم ضلع كبير في تحمل مسؤوليات الدولة وتنظيم جيشها وتسيير مرافقها العامة.