يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا} لما رأت ما يبدو عليه من مخايل الخير واليمن والقبول توسمت فيه النفع لها ولفرعون أولا، ثم مر بخاطرها أن تتبناه وتتخذه ولدا، ليكون قرة عين لها ولزوجها، ومبعث بهجة وسرور لأسرتها، فقال لزبانية فرعون لا تقتلوه، ثم قال تعالى:{وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ} أي لا يدركون خطأهم العظيم في التقاطه ورجاء النفع منه، والتفكير في تبنيه، وغاب عنهم أن وليد اليوم هو رسول الغد، الذي سيكون هلاكهم على يديه، جزاء وفاقا لما مارسوه من ظلم وطغيان، واستهتار بحقوق الله وحقوق الإنسان.
{وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا} أي أن أم موسى حين سمعت بوقوعه في يد فرعون طار عقلها من فرط الجزع والدهش، اعتقادا منها بأن مصير وليدها هو القتل لا محالة، {إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ} أي تبدي أمره وقصته. قال ابن عباس:" كادت تصيح عند إلقائه في اليم: واولداه، فينكشف أمرها وأمره "{لَوْلَا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا} أي لولا أن الله تعالى ألهمها الصبر، وألقى السكينة في قلبها، فلم تفضح سرها الدفين {لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} أي من الواثقين بوعد الله الذي لا يتخلف، لا بتبني فرعون وتعطف امرأته، ووعد الله هو رده إليها وجعله رسولا:{إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ}. و " الربط على القلب " هنا كناية عن قراره واطمئنانه، شبه بما يربط مخافة الانفلات، على غرار قوله تعالى في الفتية من أهل الكهف:{وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا}[الآية: ١٤].