ومعنى {مَا خَطْبُكُمَا} أي ما شأنكما الغريب، و " الخطب " هو الأمر الخطير الذي يكثر فيه التخاطب، لكونه غير مقبول ولا مألوف، ولا شك أن الوضع الذي وجد موسى عليه المرأتين، من إهمال الرعاة الرجال لإسعافها، وعدم المبالاة بإعانتها، يعد وضعا غريبا، و " خطبا " عجيبا.
ومعنى {حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ} أي حتى ينصرف رعاة الغنم بمواشيهم ويرجعوا من وردهم، و " الرعاء " أحد الجموع التي يجمع عليها لفظ الراعي، ومثله الرعاة.
ومعنى {تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ} فارق موقع السقي المعرض لأشعة الشمس، والتجأ إلى ظل ظليل، اتقاء لشدة الحر، واستجماما من عناء السفر الطويل.
وبعدما تنفس موسى الصعداء، من ألم الجوع وشدة الإعياء، وهو وحيد فريد، توجه مرة أخرى إلى ربه الذي نجاه من القوم الظالمين، يسأله الرفد والمدد، والعطاء الذي لا ينفد {فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ}.
والظاهر أن المرأتين اللتين أسعفهما موسى وسقى لهما استرق سمعهما ما تردد على لسانه من التوجه إلى الله، وكان موسى يعتقد أنه لم يسمع أحد صداه، فغلب على ظنهما أن موسى جائع يحتاج إلى ما يسد رمقه، لكنه يتعفف ولا يصرح بالسؤال، وأخبرتا والدهما " بعابر السبيل " الذي وفد على بلدهما، وما يبدو عليه من جميل الخصال وتبدل الأحوال، فقال لهما