وتهذيب وتربية، فكر (صالح مدين) في أن يرتبط معه برابطة المؤاجرة والمصاهرة، تيمنا به وتبركا، وحيث أن موسى أصبح فقيرا من الدنيا لا يملك ما يدفعه صداقا للزواج المقترح، فقد عرض عليه صالح مدين العمل عنده أجيرا للرعي والسقي خلال ثمان سنين، على أن يكون ما يستحقه فيها عن عمله، من العوض المعلوم، هو مبلغ الصداق، وبهذه الطريقة يضمن استبقاءه إلى جانبه طيلة هذه المدة، ويكون ذلك عاصما له من العودة إلى مصر، حتى لا يصاب فيها بأذى فرعون {قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ}. لكن موسى إذا مضى في عمله ثمان سنين، وأراد أن يتطوع بزيادة سنتين أخريين ليتم عشر سنين، كان أوفى واكمل، وذلك من دون أي إلزام بهذه الزيادة من طرف صالح مدين، ولا التزام بها من طرف موسى {فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ} أي ستجدني يا موسى من الصالحين في حسن العشرة والوفاء بالعهد، واتكل موسى على توفيق الله ومعونته، في القيام بعمله وخدمته، وأكد لمستأجره أنه سيكون عند حسن ظنه في حسن المعاملة والقيام بالواجب، {قَالَ ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ}: أي هذا تمام قول ونفاذ عقد {أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ} أي ثمان سنين أو عشر سنين {فَلَا عُدْوَانَ عَلَيَّ وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ} أي على ما تعاهدنا عليه وتواثقنا شاهد ورقيب، اكتفاء منهما بإشهاد الخالق سبحانه وتعالى عليهما من دون حاجة إلى إشهاد أحد من خلقه.