أو كبر: الوصف الأول أنه " قوي "، والوصف الثاني أنه " أمين "، إذ قالت، فجرى قولها مجرى المثل:{إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ}.
وسبق في سورة النمل على لسان العفريت من الجن وهو يرشح نفسه لنقل عرش ملكة سبأ من مقرها إلى بلاط سليمان قبل أن يقوم من مقامه:{أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ}، فدعم ترشيحه لتلك المهمة بكونه " قويا " على نقل العرش، وكونه " أمينا " على ما فيه، والمراد " بالقوة " في هذا المقام ما يشمل القوة الجسمية والقوة الفكرية، من فطنة وكياسة، وسرعة بديهة، وحسن تصرف، ومن كان قوي الجسم ضعيف العقل، أو قوي العقل لكنه ضعيف الجسم، لا ينهض بالمهمة الموكولة إليه، ويتسرب الخلل إلى العمل المكلف به، بقدر ما هو عليه من ضعف جسمي أو ضعف فكري، أما " الأمانة " فهي بالنسبة لكل عامل صمام الأمان، الذي يحول بينه وبين الغش والكسل والإهمال، ويحميه من سوء التصرف والرشوة والاستغلال، قال أحد العلماء الحكماء:" إذا اجتمعت هاتان الخصلتان الكفاية والامانة في القائم بأمرك، فقد فرغ بالك، وتم مرادك ".
واقتناعا من (صالح مدين) وشيخها الكبير بما وصفت به بنته ضيفه موسى، حيث تأكدت فراستها فيه بفراسته هو وحديثه معه، وإلماما منه بما عليه موسى من كفاءة في الدين والحسب والنسب، وإحساسا منه بأن موسى يمر بمرحلة صقل وتصفية،