للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الحديث يتفق معناه مع الآية السابقة الواردة في سورة هود، التي تثبت أن لشعيب عليه السلام " رهطا " ينصرونه ويقفون بجانبه، وبذلك كان شعيب عليه السلام فعلا في " عز قومه ومنعة في بلده "، بينما " الشيخ الكبير " الذي لقي موسى بناته لما " ورد ماء مدين " يصوره كتاب الله في عزلة تامة لا يأخذ بيده إلا بناته المحتشمات من دون غيرهن، ولا يأخذ بيدهن أحد، لولا المفاجأة التي حصلت لهن عند حلول موسى بأرض مدين.

- ثالثا: إن كتاب الله وضح في سور عديدة المآل الذي آل إليه أمر شعيب عليه السلام، بعد أن بذل كل جهوده في تبليغ الرسالة إلى قومه ومحاجته لهم، ولم يبق له أمل في إيمانه الكثرة الساحقة منهم، وهو أنه " تولى عنهم " وفارقهم بالمرة، غير " آسف عليهم ولا محزون "، ووكلهم إلى عقاب الله وعذابه، فأصاب كفار مدين من العذاب ثلاثة ألوان: عذاب " يوم الظلة "، وهي سحابة اظلتهم، فيها شرر من نار ولهب ووهج عظيم، وعذاب " الصيحة " التي جاءتهم من فوق رؤوسهم، وعذاب " الرجفة " التي جاءتهم من تحت أرجلهم، فزهقت منهم الأرواح، وفاضت النفوس، وخمدت الأجسام، {فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ}. ومعنى هذا أن قوم مدين الذي أرسل الله إليهم أخاهم شعيبا فكفروا به بادوا وانقرضوا. وإذن " فالأمة من الناس " الذين وجدهم موسى يسقون لما " ورد ماء مدين " لا يمكن أن يكونوا هم قوم شعيب الذين عاقبهم الله وقطع دابرهم، ولا يعقل أن يكونوا من الفئة القليلة التي آمنت به، إذ لو كانوا من المؤمنين برسالة شعيب، وشعيب لا

<<  <  ج: ص:  >  >>