المطلق، المناسب لجلاله وكماله، الذي لا يتأثر بشهوة، ولا يصدر عن هوى، والحكم الأوفق بطبيعة الإنسان والأضمن لمصلحته شرعا وقدرا، {وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ}[المائدة: ٥٠]{أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ}[التين: ٨] ثم قال تعالى: {وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} أحببتم أم كرهتم، فرادى كما خلقكم أول مرة {وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ}[الأنعام: ٩٤].
وكمثال بارز على ألوهيته وربوبيته وتدبيره الحكيم دعا الناس أجمعين في هذا المقام إلى التفكير في ظاهرة كونية يرونها من دون انقطاع، لكنهم كثيرا ما يغفلون عن الحكمة الإلهية المتمثلة فيها، وعن المنفعة الكبرى التي يجنيها الإنسان والحيوان والنبات منها، وعن الوضع المفزع والمفجع الذي تتعرض له الأحياء جميعها لو لم تتكرر هذه الظاهرة الكونية في مواعيدها، وتتجدد كل مطلع شمس ومغربها في مواقيتها، ألا وهي ظاهرة تعاقب الليل والنهار وتبادل الضياء والظلام، بنظام وانتظام، وذلك قوله تعالى مخاطبا كافة خلقه:{قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلَا تَسْمَعُونَ * قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلَا تُبْصِرُونَ * وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ} أي في الليل {وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ} أي في النهار {وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} ومعنى " سرمدا " متصلا على الدوام.