وبطر وعتو واستكبار، ويشاهدون الصراع القائم بين " العلم السطحي الأعمى " الذي هو أسير الشهوة والأثرة والأنانية، و " العلم العميق المستنير " الذي هو المعيار الصحيح لتمييز الحق من الباطل، والنعيم الباقي من النعيم الزائل.
يقول الله تعالى:{إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ} وبذلك يثبت لقارون صفة البغي والظلم، وأنه لم يرقب في قومه إلا ولا ذمة، وهذه الصفة وحدها كافية لأن ينال من اجلها العقاب الإلهي الصارم " فالظلم ظلمات يوم القيامة "" ودعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب " كما جاء في الحديث الشريف.
ويقول الله تعالى:{وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ}، إشارة إلى الثراء الواسع الذي أصبح يتقلب فيه، حتى ان مفاتح خزائنه وحدها أصبحت - من كثرة كنوزه وتنوع مدخراته - تكون حملا ثقيلا يعجز عن ضبط أمره والنهوض به الجمع القوي من الخدم والحشم. وكون قارون ممن يكنز المال ولا ينفقه في سبيل الله، ولا يشرك في النفع به أحدا من عباد الله، كاف ليجعله موضع غضب الله، مصداقا لقوله تعالى:{وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ}[التوبة: ٣٤].
ويرى عقلاء القوم المتبصرون، في سلوك قارون المنحرف وعمله الفاسد، ما يثير الاشمئزاز ويستحق الانتقاد، ولا سيما ما هو عليه من المبالغة في الإعجاب بالنفس والاستعلاء على العباد،