ضيقه إنما مردهما إلى حكمة الله وتدبيره، ويدركون مشاهدة وعيانا أن من أمن مكر الله، وكفر بأنعم الله، لا تكون عاقبته إلا خذلانا وخسرانا، وذلك ما يشير إليه قوله تعالى:{وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلَا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ}.
وكلمة (وَيْ) في قوله تعالى هنا: {وَيْكَأَنَّ اللَّهَ}، وقوله:{وَيْكَأَنَّهُ} هي في الأصل كلمة مستقلة ومفصولة عن (كأن) التي جاءت بعدها، وإن كانت في رسم المصحف الكريم متصلة معها اتصال الكلمة الواحدة، وهي كلمة تقال عند التنبيه للخطأ وإظهار التندم، وكتاب الله عندما استعمل كلمة (وَيْ) في هذا المقام أراد أن يبين أن قوم قارون قد تنبهوا إلى خطئهم في تمنيهم، عندما قالوا من قبل:{يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ}، وأنهم تندموا على ما فرط منهم من فلتات اللسان، عندما رأوا رأي العين أن مآل الكافرين بأنعم الله هو الخذلان والخسران، وهذا المعنى هو الذي يعبر عنه قوله تعالى في آية أخرى:{لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ}[إبراهيم: ٧].
وبعدما سجل كتاب الله نفاذ حكمه القاهر فوق عباده، في فرعون الطاغية المتجبر، الذي علا في الأرض وجعل أهلها شيعا، واستكبر هو وجنوده في الأرض حيث نبذه وجنوده في اليم نبذ