بأن الإيمان بالله والعمل الصالح هما أقرب سبيل إلى نيل رضا الله ورحمته، وضمان رزقه ونعمته، وأن الصبر عن الشهوات والأماني هو الطريق الوحيد إلى الفوز بنعيم الله ودخول جنته.
وإلى الانفعالات والتعليقات التي أثارها تبجح قارون وخروجه في زينته، بالنسبة لكلا الفريقين يشير قوله تعالى حكاية عنهم:{قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ * وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ}.
وبقدر ما كانت " خرجة " قارون في زينته، محفوفا بالحشم والخدم، لافتة للأنظار، مثيرة للأفكار، ها هو الحق سبحانه وتعالى يأخذه أخذ عزيز مقتدر بشكل يدهش العقول ويبهر الأبصار، وذلك قوله تعالى:{فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ} أي لا حشم ولا خدم يستطيع أن يرد عنه عقاب الله، ولا مال ولا جاه يشفع له عند الله {وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ}. قال الإمام القشيري وهو يصف قارون:" حمله حب الدنيا على جمعها، وحمله جمعها على حبها، وحمله حبها على البغي على قومه، وصارت كثرة ماله سبب هلاكه ".
ولا يكاد عقاب الله ينزل بقارون المتبرج المختال، حتى تزول الغشاوة عن أعين الذين كانوا بالأمس القريب يتمنون أن يكونوا مثله، فيعترفون بمنة الله عليهم، إذ لم يعاقبهم على ما تمنوه، ولم يخسف بهم وبديارهم كما فعل بقارون، ويقرون بأن سعة الرزق أو