والضمير يعود على قارون وكل من هو على شاكلته، ثم يقول الله تعالى:{وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ}، إشارة إلى حقارة هذا النوع المتكبر المتجبر وهوانه على الله، حتى انه لا يسأل يوم القيامة سؤال استعتاب، لأنه ليس أهلا للعتاب، كما في قوله تعالى:{ثُمَّ لَا يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ}[النحل: ٨٤]، وقوله تعالى:{هَذَا يَوْمُ لَا يَنْطِقُونَ * وَلَا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ}[المرسلات: ٣٥، ٣٦]. وقوله تعالى:{فَمَا هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ}[فصلت: ٢٤]. وهذا لا ينفي أن أمثال هؤلاء المجرمين سيسألون يوم القيامة سؤال تقريع وتوبيخ يتلاءم مع مقدار جرمهم، وبالغ كبرهم، مصداقا لقوله تعالى:{فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[الحجر: ٩٢، ٩٣].
وليوضح كتاب الله ما كان عليه قارون من فخر وتيه واختيال، واعتزاز شديد بالثروة والمال، قال تعالى:{فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ} أي خرج على قومه مختالا فخورا في زينة فاخرة جاوزت الحدود، وتبرج أثيم فاق كل معهود، الأمر الذي فتن به ضعفاء النفوس والعقول من قومه، فأخذوا يتمنون على الله أن يصبحوا مثل قارون ثروة ومالا، جاهلين أن الثروة التي لا يعترف صاحبها بفضل الله، ولا يؤدي عنها حقوق الله، كثروة قارون، إنما تجر على صاحبها عقابا ووبالا، لكن سرعان ما قام عقلاء القوم الذين هم على بينة من حقائق الدين ووقائع التاريخ بنصحهم وتحذيرهم من مثل تلك الأماني الباطلة والشهوات الزائلة، وذكروا أولئك المعجبين المبهورين بثروة قارون وزينه: