وفي هذا الربع أيضا يتولى الحق سبحانه وتعالى إرشاد المسلمين إلى ما يجب أن تكون عليه معاملاتهم المالية، وعلاقاتهم الاقتصادية، إذ تناولت الآيات الكريمة موضوع الدين وكتابته، والإعسار به وانتظاره أو إسقاطه، وتناولت موضوع الشهادة والشهود من الرجال والنساء، وما للشهود من حقوق وما عليهم من واجبات، وتناولت موضوع التجارة الحاضرة التي يصفى أمرها في الحين، والتجارة التي تدخلها الآجال بالنسبة للثمن أو المثمن، مما يوضح تعاليم الإسلام في النظام الاقتصادي الذي يجب أن يقوم بين المسلمين.
ففيما يخص النفقة على فقراء المسلمين جاء قوله تعالى:{لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا}. وهذه الآية الكريمة توضح صفات الفقير المسلم، الذي لا ينزل به الفقر إلى درجة التطاول على الناس وإحراجهم، كما لا تنزل به الحاجة إلى درجة التبذل والاستغلال الدنيء، وفي نفس الوقت تشير نفس الآية إلى أن فقر هذا الفقير واحتياجه ليس صفة لازمة له، ولاصقة به على الدوام، وإنما هو أمر عارض في حياته، بسبب فقدان وسائل العمل، وتعذر وجوه الكسب، وهذا معنى قوله تعالى:{لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ}. أي أقفلت في وجوههم كافة الطرق:{لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ}. أي لا يجدون مجالا للكسب والاتجار، إذ الضرب في الأرض في لغة القرآن خاصة، والاستعمال العربي