عامة معناه السعي للتكسب والتنقل للبيع والشراء {يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ}. أي أن الجاهل بحقيقة حالهم يعتقد أنهم في سعة وغنى {مِنَ التَّعَفُّفِ}. أي لعدم قيامهم بأي إزعاج للغير، أو إلحاح عليه {تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا}. أي يعرفهم أخوهم المؤمن بما له من صدق الفراسة، حيث إن المؤمن ينظر بنور الله، وهم لا يلحون في السؤال، فضلا عن طلب ما يزيد على حاجتهم بقصد الاستغلال.
وهكذا لا ينزل الفقر بالمسلم حالة اضطراره إلى درجة البؤس والذلة والمهانة، لأن الإسلام حريص على إعزازه والأخذ بيده ورفع مستواه المادي المنخفض، إلى درجة مستواه الروحي الإسلامي الممتاز.
وهذه الآية نفسها يقتضي مفهومها أنه بمجرد ما يجد الفقير المسلم وسيلة للعمل ووجها للكسب لا يسوغ له أن يتكل على غيره، ولا يسوغ لغيره أن يساعده على التواكل والكسل، باسم الاحتياج ووصف الفقر، بل يحاول أن ينتقل من صف الفقراء المعسرين، إلى صف القادرين على الكسب الموسرين.
ومما يجب التنبيه إليه في هذا المقام ما ذكره القاضي أبو بكر (ابن العربي) المعافري إذ قال: " الواجب على معطي الصدقة-كان إماما أو مالكا-أن يراعي أحوال الناس، فمن علم فيه صبرا على الخصاصة، وتحليا بالقناعة، آثر عليه من لا يستطيع الصبر، فربما وقع التسخط. قال النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيح: إني لأعطي الرجل