العنان، عسى أن يستدرج إلى الحق من يجادل في الحق بغير حجة ولا برهان، وذلك قوله تعالى:{قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ مَنْ جَاءَ بِالْهُدَى وَمَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ}، على غرار قوله تعال في سورة سبأ:{وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ}[الآية: ٢٤] ثم خاطب نبيه مذكرا إياه بنعمة الوحي والكتاب المنزل، الذي لم يكن يتوقع نزوله عليه بحال، فقد كانت النبوة قاصرة على أنبياء بني إسرائيل منذ عدة أجبال، لكن الله تفضل فأنزل عليه كتابه المبين، وأرسله رحمة للعالمين {وَمَا كُنْتَ تَرْجُو أَنْ يُلْقَى إِلَيْكَ الْكِتَابُ إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ}.
وتثبيتا للرسول وأمته على الحق، بالرغم من جميع المعوقات والعراقيل، وإغراء بالمضي قدما في الدعوة إلى الله دون ملل ولا كلل، والصمود في وجه أعداء الدعوة بصبر وجلد، كيفما كانوا وكيفما كانت أساليبهم الملتوية، قال تعالى:{فَلَا تَكُونَنَّ ظَهِيرًا لِلْكَافِرِينَ * وَلَا يَصُدُّنَّكَ عَنْ آيَاتِ اللَّهِ بَعْدَ إِذْ أُنْزِلَتْ إِلَيْكَ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * وَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ}. وإذا كان هذا الخطاب موجها في ظاهره إلى الرسول، فإنه موجه في الحقيقة عن طريقه إلى كل فرد من أمة القرآن، في كل جيل وكل زمان.
وعندما أشرفت " سورة القصص " على التمام والكمال، ذكر كتاب الله كافة البشر، وفي طليعتهم كل من طغى وتجبر، بحقيقة أزلية كبرى تتهاوى أمامها جميع الادعاءات الزائفة والتحديات الباطلة، ألا وهي أن الله تعالى هو وحده الحي القيوم، الدائم