واستجاب الله دعاء لوط على قومه، فأرسل ملائكته تنفيذا لوعيده فيهم، ورغما عن مقام النبوة الذي خص الله به لوطا، فقد خشي لوط على نفسه من أن يعمه عقاب الله مع قومه الظالمين المفسدين، لكن الملائكة هدأوا روعه كما هدأوا روع قريبه إبراهيم من قبل، وذلك قوله تعالى:{وَلَمَّا أَنْ جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالُوا لَا تَخَفْ وَلَا تَحْزَنْ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلَّا امْرَأَتَكَ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ}، ثم أخبروا لوطا بما سينزل بقومه من العقاب جزاء تحديهم له، واستهزائهم بعذاب الله، وذلك قوله تعالى:{إِنَّا مُنْزِلُونَ عَلَى أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ} أي عذابا صدر القضاء به من السماء {بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ}. وقد وضحت الآيات الكريمة الواردة في سورة هود وسورة الحجر نوع العذاب الذي تعرض له قوم لوط، وهو ان الله تعالى دمر عليهم قريتهم فجعل عاليها سافلها، ورجمهم فأمطر عليهم حجارة من سجيل.
واستنادا إلى ما عاقب الله به قوم لوط حيث أمطر عليهم حجارة، ذهب الإمام مالك وغيره إلى أن من سلك مسلكهم وفعل فعلهم يجب أن تطبق عليه بالخصوص عقوبة الرجم، إذ ما جرى على المثل يجري على المماثل، وقد طبق عبد الله بن الزبير هذه العقوبة، على أربعة من الأزواج المحصنين ارتكبوا نفس الجريمة، واكتفى في ثلاثة ارتكبوها ولم يكونوا محصنين بعقوبة الجلد، وذلك بمحضر عبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس.
ثم قال تعالى:{وَلَقَدْ تَرَكْنَا مِنْهَا آيَةً بَيِّنَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ}،