للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

القشيري: " العنكبوت يتخذ لنفسه بيتا، ولكن كلما زاد نسجا في بيته ازداد بعدا عن الخروج منه، فهو يبني، ولكن على نفسه يبني ".

ثم عقب كتاب الله على هذا المثل فقال: {إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ} أي لأنهم قبل غيرهم هم الذين يدركون حسنها وصحتها وفائدتها وحكمة التمثيل بها {خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ}، فكل ما عارض الحق، الذي قامت به السماوات والأرض، من تصرفات الخلق، يعد تحديا لحكمته، وتجاهلا لعلمه وقدرته {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ}.

وختم هذا الربع الذي اشتمل على كثير من المثلات والعبر، وتحدث عما حضر وعما غبر، بخطاب إلهي رقيق، موجه إلى الرسول الأعظم بالأصالة، وإلى كل فرد من أفراد أمته بالتبع، فقال تعالى مخاطبا لنبيه في البداية: {اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ} وكأنه يقول له: لا تفتر عن تلاوة القرآن، ففيه وصف الداء والدواء، وفيه الشفاء والعزاء، وهو المدد الدائم الممدود حبله إليك من السماء، {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ} [الحجر: ٩٧]، {وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُنْ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ} [النمل: ٧٠].

ثم قال تعالى مخاطبا لنبيه: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ} حرصا على دوام الصلة مع الله في السراء الضراء، والشدة والرخاء. وبين

<<  <  ج: ص:  >  >>