كتاب الله الأثر العميق الذي تحدثه إقامة الصلاة والمواظبة عليها في سلوك المصلين وحياتهم الخاصة والعامة، متى أقاموها على الوجه الصحيح، فقال تعالى:{إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ}، إذ ما من جزء من اجزاء الصلاة إلا وقد جعل الله فيه ذكرا مقرونا بعمل، حتى يظل المصلي حاضرا مع الله قلبا وقالبا، ولا يتعرض أثناء صلاته للغفلة عن مناجاة الله، أو شرود الذهن عن الوقوف بين يديه، ومن حكمة الله أن جعل أول عمل من أعمالنا كل يوم إذا أصبحنا هو صلاة الصبح، حتى نفتتح النهار بمناجاة الله ومخاطبة الحق، قبل أن نشرع في لقائنا العادي مع أمثالنا من الخلق، وبذلك تكون بركة الصلاة سارية في حياتنا اليومية، وروحها مهيمنة عليها، من بداية اليوم إلى نهايته {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ}[هود: ١١٤].
ثم قال تعالى:{وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ}، فمن ذكر الله في صلاته ذكر حضور وخشوع وإجلال واستحياء، خرج من صلاته متنكرا لكل " منكر " ومتبرئا من كل " فحشاء "، وإنما كان ذكر الله في الصلاة أجل عمل فيها، وكانت الصلاة مؤدية إلى هذه النتيجة، لأن ذكر الله، بيقظة ووعي، يستدعي استذكار صفاته وكمالاته، واستذكار نعهم وإمداداته، واستذكار رسالاته إلى أنبيائه، واستذكار حسابه وجزائه، {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ}[الماعون: ٤، ٥]. على أن ذكر الله في كل مقام، يعد من أفضل وأكمل العبادات في الإسلام {وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ}.