يتم القيام بهذه المهمة على أحسن وجه، وجه كتاب الله في بداية هذا الربع الخطاب لكافة المؤمنين، ولا سيما المسلحين منهم بسلاح العلم والدين، فقال تعالى:{وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} وبذلك أفهم المسلمين أولا أن الإسلام لا يخشى من مواجهة خصومه، وأنه لا بد للمسلمين من أن يجادلوا عن دينهم، ويبطلوا ما يوجه إليه من الشبه الزائفة والتهم الباطلة، وأفهمهم ثانيا أن مجادلة المسلمين لمخالفيهم في العقيدة والدين لا تكون بأي شكل كان، بل لا بد أن تكون على شكل يؤدي بالخصم إلى الاقتناع والإذعان، وهذا المعنى هو ما عبرت عنه الآية الكريمة إذ قالت:{إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}.
و {الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} وصف للطريقة التي يجب أن يتبعها المجادل عن دينه في الدفاع عنه، حيث يختار لجداله طريقة مطبوعة بطابع الرفق واللين، لا تشم منها رائحة الغلظة والجفاء، و {الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} هي كذلك وصف للحجة التي ينبغي أن يحتج بها المجادل عن دينه للدفاع عنه، بحيث يختار من بين الحجج التي بين يديه أوضحها وأقواها، وأسرعها إيصالا للمقصود والمطلوب، وبذلك ينصر دينه، ويبر يمينه. قال القاضي أبو بكر (ابن العربي) المعافري: " لكن يكون الجدال بما يحسن من الأدلة ويجمل من الكلام، بأن يكون منك للخصم تمكين، وفي خطابك له لين، وأن تستعمل من الأدلة أظهرها وأنورها، وإذا لم يفهم الخصم أعاد عليه المجادل الحجة وكررها ".
وقوله تعالى:{إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ} معناه أن من