تصدى للمسلمين بالظلم والعدوان لا يجادل بالرفق واللين، وإنما يعامل معاملة الظالمين، فيحد من ظلمه بما يناسبه من الجدال أو الجلاد، إلى أن يرتدع عن ظلمه ويرجع إلى السداد، ومن الظلم الاعتداء على الحرمات والتهجم على المقدسات، وغدر العهود والالتزامات.
وقوله تعالى:{وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ} يتضمن مثالا تطبيقيا لمجادلة أهل الكتاب بالتي هي أحسن، قال ابن كثير: {فإذا أخبروا بما لا نعلم صدقه ولا كذبه لا نقدم على تكذيبه، لأنه قد يكون حقا، ولا نقدم على تصديقه لأنه قد يكون باطلا، ولكن نؤمن به إيمانا مجملا، شريطة أن يكون أمرا منزلا، لا مبدلا ولا مؤولا، وتفرد البخاري في صحيحه برواية حديث عن أبي هريرة قال:" كان أهل الكتاب يقرؤون التوراة بالعبرانية، ويفسرونها بالعربية لأهل الإسلام. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم، وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم الآية ".
وقوله تعالى:{وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ} معناه أن الخلق كلهم عيال الله، وأن رب العالمين الذي خلقهم ورزقهم إله واحد، وإن كانت عقيدة التوحيد في الإسلام بالنسبة لغيرها من العقائد هي العقيدة الوحيدة الصحيحة والسليمة من كل الشوائب، مصداقا لقوله تعالى في آية أخرى (١٠٩/ ٦): {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ}، ولذلك قال تعالى هنا: {وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (٤٦)} أي على خلاف ما عليه أهل الكتاب.