وحكم عليهم لسان القدرة بالإعدام، وذلك قوله تعالى في نفس السياق:{كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الْأَرْضَ}، أي حرثوها واستثمروها إلى أقصى حد، {وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ * ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاءُوا السُّوأَى}، ولما كانت السوأى (وهي تأنيث الأسوأ) هي عاقبة الذين أساؤوا كانت الحسنى (وهي تأنيت الأحسن) هي عاقبة الذين أحسنوا، كما قال تعالى في حقهم:{لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى}.
وبين كتاب الله السبب فيما نال الذين أساؤوا من عقاب ودمار، فقال:{أَنْ كَذَّبُوا بِ آيَاتِ اللَّهِ وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِئُونَ}.
وقد أكد كتاب الله هذه المعاني مجتمعة مرة أخرى عند قوله تعالى فيما يأتي من سورة غافر (٨٢): {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثَارًا فِي الْأَرْضِ فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}. ثم قال تعالى:{اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ}، ومما يدخل تحت هذا المعنى ويتصل به أوثق اتصال قوله تعالى في آية أخرى (١٣٣: ٤): {إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ}، وقوله تعالى في آية ثانية (٣٣٣: ٦): {إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدِكُمْ مَا يَشَاءُ}، وقوله تعالى في آية ثالثة (٣٥: ١٦): {إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ}.
وذكر كتاب الله بالحقيقة الكبرى التي أجمعت عليها كافة