للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

النبوات والرسالات، وإن أنكرها المنكرون وجحدها الجاحدون، ألا وهي (قيام الساعة) وما يرافقها من انقلاب شامل وعام في الكون، وما يواكبها من نشر وحشر، وتصنيف للبشر في صنفين اثنين: صنف المؤمنين الذين عملوا الصالحات، ولهم النعيم المقيم، وصنف الكافرين الذين عملوا السيئات ولهم العذاب الأليم، وذلك قوله تعالى: {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ} أي تصيبهم الحيرة والذهول، لأنهم لم يكونوا يتوقعون قيام الساعة أبدا، يقال: (أبلس الرجل) إذا سكت وانقطعت حجته ولم يؤمل أن تكون له حجة) ثم قال تعالى: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ مِنْ شُرَكَائِهِمْ شُفَعَاءُ وَكَانُوا بِشُرَكَائِهِمْ كَافِرِينَ * وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ * فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ} من (الحبور) وهو السرور والفرح، {وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِ آيَاتِنَا وَلِقَاءِ الْآخِرَةِ فَأُولَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ} أي يساقون إليه قهرا وقسرا، وقوله تعالى هنا: {يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ} عقب قوله أيضا: {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ}، على غرار قوله تعالى في آية أخرى (٣٦: ٥٩): {وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ}.

وبعد أن وصف كتاب الله مظاهر قدرته وحكمته، ودلائل وحدانيته وعظمته، البارزة في ملكوت السماوات والأرض، ووصف تصرفه المطلق في الكون، والتجاء الخلق إليه بدءا وإعادة، إذ هو القاهر فوق عباده، بين أن كل إنسان عاقل لمس جلال الله وجماله، وعظمته وكماله، في نفسه التي بين جنبيه، وفي الكون الباهر من حوله المتجلي أمام عينيه، لا يسعه إلا أن

<<  <  ج: ص:  >  >>