يتوجه إلى الله بتنزيهه عن كل نقص، وتمجيده بكل كمال، إقرارا بفضله وكرمه، وشكرا على مدده ونعمه، وذلك ما يقتضيه قوله تعالى تلقينا لعباده:{فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ * وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ}.
وواضح أن تنزيه العبد لربه يتناول تنزيهه بالقلب، عن طريق الاعتقاد الصحيح الجازم، وتنزيهه باللسان، عن طريق ذكره الحسن بأسمائه الحسنى، وتنزيهه بالجوارح، عن طريق الأعمال الصالحة، وعلى رأسها الصلاة التي هي عماد الدين، لكونها هي الصلة القائمة والدائمة بين العبد وربه، {فَسُبْحَانَ اللَّهِ} لفظ عام يشمل كافة وجوه التنزيه، ويدخل فيه من باب أولى وأحرى إقامة الصلوات الخمس التي يجدد فيها المؤمن عهده مع الله خمس مرات في اليوم والليلة، قيل لابن عباس رضي الله عنه:(هل تجد الصلوات الخمس في القرآن؟) قال نعم، وتلا هذه الآية:{تُمْسُونَ} صلاة المغرب وصلاة العشاء، و {تُصْبِحُونَ} صلاة الفجر، {وَعَشِيًّا} صلاة العصر، و {تُظْهِرُونَ} صلاة الظهر.
ولا شك أن مواقيت الصلاة المتعاقبة ترافقها ظواهر كونية يومية عظمى، تتجلى فيها قدرة الله وعظمته، وعلمه وحكمته، وجلاله وجماله، فتكون أنسب الأوقات لإعلان العبد عن تعلقه بالله، وإيمانه بوحدانيته وربوبيته، وتمسكه بعبادته وطاعته.