للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

{وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ} تنبيه إلى أن تنزيه العبد لربه لا يكون تنزيها حقيقيا وتاما إلا إذا صاحبه القيام بحمد الله وشكره على الدوام، إذ هو المحمود سبحانه وتعالى بكل لسان، بلسان الحال ولسان المقال، من كافة الأنام: {تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا} (١٧: ٤٤).

وكيف لا ينزه العاقل ربه سبحانه وهو المنفرد بالإيجاد والإمداد، وهو الذي ينفخ الروح في الكائنات فتسري فيها الحياة متى شاء، ويقبض روحها متى شاء، وإذا كان الله سبحانه قادرا على إخراج الحي من الميت، وإخراج الميت من الحي في النبات والحيوان والإنسان، فكيف لا يكون قادرا على إحياء الميت، قدرته على إماتة الحي، وذلك ما ينطق به قوله تعالى: {يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ}.

وأبرز مثال لما ورد في الكتاب، إخراج نوع الإنسان - وهو سيد الأحياء - من بين الطين والتراب، وذلك ما يشير إليه في نفس السياق قوله تعالى هنا: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ} وقوله تعالى في آية أخرى (٢٠: ٥٥): {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى}.

ومضى كتاب الله يصف آياته الباهرة، المبثوثة في الأنفس

<<  <  ج: ص:  >  >>