فراحة الاستغراق في النوم خصص لها الحق سبحانه وتعالى فترة الليل، المناسبة للهدوء والسكون، والسعي المتواصل للعمل وكسب الرزق خصص له الحق سبحانه وتعالى فترة النهار، المناسبة للحركة والنشاط، على أن القليل من الاسترخاء والنوم الخفيف خلال بعض فترات النهار كالقيلولة، مما يساعد على تهدئة الأعصاب، وتجديد النشاط، ومضاعفة الإنتاج، حسبما دلت عليه الأبحاث الحديثة، وبذلك نفهم السر في قوله تعالى:{مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ}، قال جار الله الزمخشري (ويجوز أن يراد منامكم في الزمانين وابتغاؤكم فيهما)، إذ من الناس من ينام في الليل ومنهم من ينام في النهار، ومن الناس من يسعى لكسب رزقه في النهار: ومنهم من يسعى لكسب رزقه في الليل، حسب ظروف كل واحد ونوع عمله، وهذا هو ما عليه الحال في عصرنا الحاضر، ومقتضى هذه الآية وما شابهها أن الإنسان مطالب من ربه بالكد والعمل على مر الأيام، معترف له في نفس الوقت بحق الراحة والاستجمام.
واستعرض كتاب الله آية أخرى من آيات الله في الآفاق، وهي آية الغيث والمطر، الذي ينزله من سمت السماء على الأرض، عذبا زلالا، فيحيي به الإنسان والحيوان والنبات، ويختزنه بقدرته وحكمته في خزائن أرضه لصالح الأحياء كافة، فيجريه عيونا وينابيع وأنهارا تسد حاجاتهم باستمرار ودون انقطاع، وذلك قوله تعالى:{وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ}.