وحيث إن البرق والرعد وتحريك الرياح وتسخير السحاب من الظواهر التي تسبق أو ترافق نزول المطر، طبقا لسنة الله المنظمة للكون، نجد كتاب الله في غير ما آية يلفت إليها الأنظار، لما تحتوي عليه من حكم وأسرار، جديرة بالدرس والتحليل والتأمل والاعتبار.
وقوله تعالى هنا:{خَوْفًا وَطَمَعًا}، إشارة إلى ما يتقلب فيه الإنسان بطبعه من الخوف والرجاء، فالإنسان عندما يشاهد وميض البرق، أو يسمع هدير الرعد، يخشى أن يكون البرق برقا خلبا لا مطر فيه، أو يكون نذيرا بالصواعق المزمجرة، والزلازل المدمرة، أو يكون مصحوبا بأمطار طوفانية تهلك الحرث والنسل، كما أنه يأمل ويرجو أن يكون البرق مصحوبا بالغيث النافع، فيغاث به الإنسان والحيوان، وتحيى به الأرض بعد موتها، فتنبت من كل زوج بهيج، وسبق بهذا المعنى في سورة الرعد قوله تعالى مع مزيد من البيان:(١٢: ١٣): {هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ * وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ}.
أما محاولة (استمطار) السحاب بطريقة صناعية فهي محاولة قاصرة، إذ لا بد من توافر الرياح الصاعدة التي تلقح السحاب ببخار الماء حتى يجود بالمطر، والله تعالى وحده القادر على أن يرسل الرياح نشرا بين يدي رحمته، لأن إرسال الرياح وتصريفها يحتاج إلى طاقة عظمى وتدبير كبير هما