ثم جاء كتاب الله ب آية أخرى تبهر الأبصار والبصائر، وتثير في الإنسان أعجب الخواطر وأعمق المشاعر، ألا وهي آية قيام الكرة الأرضية في الفضاء، في موقعها المحدد لها بأمر الله، واستمرار أجرام السماء سابحة في الفضاء، في نفس الأماكن والمدارات المقدرة لها من عند الله، دون أن تزيغ عن مسارها، أو يصطدم بعضها ببعض في فضاء الكون الفسيح، دون أن تعتمد على أعمدة أو دعائم، مما اعتاده الإنسان في كل بناء قائم، وذلك ما يفصح عنه كتاب الله هنا في إيجاز وإعجاز، إذ يقول:{وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ}. . ويزيد هذا المعنى توضيحا وتفصيلا قوله تعالى فيما سبق من سورة الرعد (٢): {اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا}، وقوله تعالى فيما سبق من سورة الحج (٦٥): {وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ}، وقوله تعالى فيما سيأتي من سورة فاطر (٤١): {إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ}.
وهذه الظاهرة الكونية هي التي اصطلح العلم الحديث فيما وصل إليه حتى الآن من بحث واستطلاع، على تسميتها "بقوة الجاذبية" وهذه الجاذبية قائمة بين الأرض وما عليها، وبين الأرض وما عداها من الكواكب، وبين كل كوكب وآخر.
ومن وصف آيات الله في الأنفس والآفاق اتجه كتاب الله