إلى تذكير الغافلين والجاحدين بحقيقة البعث التي لا مجال للشك فيها، وحقيقة السطوة الإلهية المبسوطة على خلقه، الأحياء منهم والأموات، ولو كان بعض المتكبرين منهم لها كارهين، وذلك قوله تعالى:{ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذَا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ * وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ} أي خاضعون لأمره المطاع: {وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}.
وإنما قال:{وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ} تقريبا للفهم، وجريا على المعتاد بين الناس، من أن إنشاء الشيء لأول مرة يكون أصعب من إعادته، وإعادته تكون أسهل من إنشائه، وإلا فالحق سبحانه وتعالى قادر على كل شيء بدءاً وإعادة:{إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}(٨٢: ٣٦)، وهذا التنزيه عن التشبيه هو المراد بقوله تعالى في نفس السياق:{وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى}، أي هو فوق تصورات الخلق وتخيلاتهم، وله الوصف الأعلى الذي ليس لغيره مثله إذ:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}.
ثم تصدى كتاب الله للاعتراض على المشركين البسطاء، الذين يشركون بالله والأوثان والأصنام، إذ يقولون:(لبيك لا شريك لك) إلا شريكا هولك، تملكه وما ملك)، مبينا تناقضهم وتهافتهم في منطقهم الساذج البسيط، عندما لا يقبلون أن يكون مماليكهم شركاء لهم في شيء، نظرا للفرق الشاسع الذي يعتقدونه قائما بين الفئتين، بينما هم يعتبرون أصنامهم مملوكين لله