الساري في مختلف الأجواء والأرجاء، والنقص من الأموال، والأنفس والثمرات. وإلى ما يتعرض له الإنسان من الابتلاء والامتحان، يشير قوله تعالى هنا:{لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا}.
وقوله:{لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}، إشارة إلى أن الله تعالى لا يريد الانتقام من عباده، عندما يسلط عليهم آثار أعمالهم، وإنما هي بمنزلة السوط يؤدبهم به، عسى أن يغيروا ما بأنفسهم، ويعودوا إلى صراط الله الحميد، فيبسط لهم من جديد بساط نعمته، ويخلع عليهم رداء رحمته، وبنفس هذا المعنى جاء قوله تعالى في آية أخرى (١٦٨: ٧): {وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}.
وقوله تعالى هنا:{كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُشْرِكِينَ} دليل على أن الذين عاقبهم الله على الفساد والإفساد لم يكونوا كلهم مشركين، بل بعضهم مشرك، وبعضهم ليس بمشرك، ولكنه من عصاة المؤمنين المصرين على المعصية، وإذن فما دون الشرك من المعاصي يؤدي إلى نفس النتيجة، ويكون سببا فيما ينزل بالخلق من الشدائد والأزمات، والنوائب والملمات.
ووجه كتاب الله الخطاب إلى كل إنسان عاقل يريد تحقيق إنسانيته، مع السلامة في الدنيا من الآفات، والنجاة في الآخرة من الأهوال والشدائد، داعيا إلى الإقبال على دين الله الذي هو الدين القيم، والتعلق به، وعدم الالتفات إلى غيره، فقال تعالى: