الشيخوخة، مما يمر به النوع الإنساني في حياته الطبيعية، وذلك قوله تعالى:{اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ}.
وواضح أن أمام الإنسان في كل مرحلة من تلك المراحل مجالا واسعا للتأمل والاعتبار، وفرصة مناسبة للتعمق فيما يحيط بنشأته وتكوين بنيته، وأجهزة جسمه، من لطائف وأسرار، مما يساعده على اكتشاف أثر رحمة الله وبالغ حكمته، ويحمله على الاقتناع التام بواسع علم خالقه وعظيم قدرته:{أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ}(٨: ٣٠)، {وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ}(٢١: ٥١)، وقد شغلت الدراسات والبحوث المتعلقة بالإنسان حيزا كبيرا من العلوم والمعارف، التي تحاول أن تكشف عما في الإنسان من عجائب خلق الله وبدائع صنعه، عضويا ونفسيا، عقليا وروحيا، لكن لا تزال جوانب عديدة من هذا الكائن المعلوم و (المجهول) في آن واحد، الذي هو الإنسان، لغزا من ألغاز الخليقة، وسرا من أسرار الطبيعة، إلى الآن وحتى الآن:{وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا}(٨٥: ١٨).
وكما وصف كتاب الله الإنسان بكونه مخلوقا من عجل عندما قال (٣٧: ٢١): {خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ}، ليلتزم الأناة في مساعيه، والتؤدة في تصرفاته، وصفه هنا بكونه مخلوقا من ضعف:{خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ}، رغما عما منحه من قوة فكرية، ولياقة بدنية، تنبيها له على التماس أسباب القوة المادية