والروحية، حتى يعوض النقص الذي يعانيه في كل مرحلة من مراحل حياته المتتالية.
وكما قال تعالى في الربع الماضي في شأن السحاب الذي تثيره الرياح:{فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ}، قال هنا في هذا الربع، عقب ذكره للمراحل التي يمر بها الإنسان:{يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ} ردا على الجاحدين، وتنبيها للغافلين وتذكيرا للناس أجمعين، بأن إرادة الله {الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ} مهيمنة على الكون بصفة مستمرة، وأن مشيئة الله التي لا تحدها حدود هي التي تحدد النواميس لتكوين الإنسان، وغيره من بقية الأكوان، فلا شيء من سنن الكون خارج عن إرادته، بل الكل متعلق بتدبيره وجار وفق مشيئته، ولذلك جاء التعقيب بقوله تعالى في نفس السياق:{وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ}، الذي أحاط بكل شيء علما، وهو على كل شيء قدير.
وانتقل كتاب الله إلى وصف حال المعاندين البسطاء، المكذبين بالبعث، عندما يُفاجأون بقيام الساعة، فيحاولون الاعتذار عن كفرهم، زاعمين أنهم لم يتمكنوا من معرفة الحق خلال حياتهم القصيرة:{وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ}، أي: كما كانوا يمارسون الإفك والكذب في الدنيا ها هم يحاولون أن يمارسوه من جديد في نفس الآخرة، مؤكدين كذبهم بالقسم واليمين، {يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ}، على غرار قوله تعالى في آية أخرى (١٨: ٥٨): {يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ