للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الحق سبحانه وتعالى من سر علمه وحكمته، وينزل بها على قلب رسوله (الروح الأمين)، ومثل ذلك يجري في العناصر الطبيعية التي هي ملقاة بين أيدي الناس، لكنهم لا يستطيعون أن يخلقوا منها كائنا حيا يضاهون به صنع الله {صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ}.

وإنما سميت هذه السورة (سورة لقمان) لورود اسمه فيها مقرونا بجملة من الوصايا النافعة التي وعظ بها ابنه، حيث قال تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ} الآية، وقال تعالى: {وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ} الآية.

وكما قال تعالى فيما سبق من (سورة يونس) عقب الافتتاح بالحروف الهجائية: {الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ} قال تعالى هنا في (سورة لقمان): {الم * تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ} وسبقهما في سورة آل عمران قوله تعالى: {ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ}.

وإنما وصف الكتاب بكونه (حكيما) أي: ذا حكمة، لأن الحكمة هي إصابة الحق في الاعتقاد والقول والفعل، والسلوك الخاص والعام، للأفراد والجماعات، وما تضمنه كتاب الله في هذه المجالات صادر عن أحكم الحاكمين، العليم الحكيم، الذي لا يضل ولا ينسى، والذي يعلم السر والخفي: {قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} (٦: ٢٥)، ومن أجل ذلك كان عيارا على ما سواه، ومهيمنا على ما عداه، فما وافقه حق، وما خالفه باطل، سواء كان سابقا أو لاحقا.

<<  <  ج: ص:  >  >>