تعالى هنا:{وَهُوَ مُحْسِنٌ}، لتوقف الطاعة على (الإحسان)، قال تعالى في آية أخرى:{وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ}، لتوقف العمل الصالح، نية وثوابا، على (الإيمان)، و (العروة الوثقى) من باب التمثيل، فكما أن من أراد التدلي من شاهق مثلا مع ضمان النجاة من السقوط لا يسعه إلا أن يستمسك بأوثق عروة في أمتن حبل، كذلك من أراد النجاة لنفسه في الدنيا والآخرة لا يجد عروة يستمسك بها أوثق من الإسلام، أما من كفر وأصر على كفره فسيقضي فترة حياته القصيرة في المتع والشهوات، لكنه سيعاقب على استهتاره وتهاونه عقابا لا يجد منه خلاصا ولا انفكاكا، وإلى ذلك يشير قوله تعالى:{وَمَنْ كَفَرَ فَلَا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ * نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلًا ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ}.
ونبَّه كتابُ الله أن فريقا من الكافرين والجاحدين عندما يوجه إليهم السؤال عن خلق السماوات والأرض لا يجدون مناصا من الإقرار بربوبية الله وخلقه للكون، لكنهم لا يستخلصون النتائج الحتمية لهذا الإقرار، فيطيعوا الله ورسوله، بل يصرون على أن ينكروا فروع الدين وأصوله، وذلك قوله تعالى في إيجاز وإعجاز:{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ}، أي: يقفون عند حد (القول) دون العمل، ويتجاهلون قواعد الدين، لتعودهم على الإهمال والخمول والكسل، وقوله تعالى في وسط هذه الآية:{قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ} تلقين لكل مؤمن أن يحمد الله ويشكره على ما هداه