إليه من نعمة الإيمان، إذ لا نعمة تعادلها بالنسبة لسعادة الإنسان ثم جاءت الآية التالية تؤكد إيمان المؤمنين، وتمسكهم بالحق المبين، {لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ}.
وبعد أن تحدث كتاب الله عن خلق السماوات والأرض، وانفراد الحق سبحانه وتعالى بتخطيط الكون وتدبيره، وتنظيمه وتسييره، أشار إلى أن (كتاب الكون) الفسيح لا تقف الكتابة فيه أبدا، بل إن الأوامر الإلهية بشأنه لا تقف عن الصدور، ولا يسع كلماته كتاب مسطور، ولا رق منشور، وكما أنه لا نهاية لقدرته ولا لمقدوراته، فلا نهاية لعلمه ولا لكلماته، إذ (الأبدي لا يتناهى) وهذا معنى قوله تعالى الوارد هنا على وجه التمثيل والتقريب: {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}، قال القفال:(لما ذكر الله تعالى أنه سخر لهم ما في السماوات وما في الأرض، وأنه أسبغ عليهم النعم، نبه على أن الأشجار لو كانت أقلاما، والبحار مدادا، فكتبت بها عجائب صنع الله، الدالة على قدرته ووحدانيته، لم تنفد تلك العجائب)، وقال القرطبي:(وإنما قرب الأمر على أفهام البشر بما يتناهى، لأنه غاية ما يعهده البشر من الكثرة، لا أن كلماته تنفد بأكثر من هذه الأقلام والبحور).
وإقناعا لمن لا يزال في شك من أمر البعث، قال تعالى: {مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ