بَصِيرٌ}، ومادامت عملية الخلق ونفخ روح الحياة في الأحياء متجددة في كل لحظة وكل ساعة، فما الذي يمنع من تجديد الحياة في الموتى وبعثهم عند (قيام الساعة)؟.
ثم أشار كتاب الله إلى تعاقب الليل والنهار والشمس والقمر، مذكرا بما وراء هذا التخطيط الإلهي الحكيم، الملائم لحياة الإنسان والحيوان والنبات، من منافع ومصالح، لولاها لما عرفت الأرض عمرانا ولا ازدهارا، ولما استطاع أحد من الأحياء عيشا فوقها ولا استقرارا، وذلك قوله تعالى موجها الخطاب إلى كل إنسان:{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَأَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}.
و (إيلاج الليل في النهار) يقع عند طول الأول وقصر الثاني، كما يقع (إيلاج النهار في الليل) عندما يصبح النهار طويلا والليل قصيرا، وهكذا يتبادلان القصر والطول، تبعا لاختلاف الفصول، أما جريان الشمس والقمر فلا يقف إلا بانتهاء أجلهما المحدود، عند حلول اليوم الموعود.
وتعقيبا على هذه الظواهر الكونية التي سخرها الله لكافة الخلق، ولا يستطيع تدبيرها وتسييرها إلا الإله الخالق الحق، قال تعالى:{ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} فالعاجز عن الإيجاد والإمداد، ليس له من ذاته أي اعتبار ولا اعتداد، وصدق الشاعر القائل:"ألا كل شيء ما خلا الله باطل".