للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثم قال تعالى: {وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا}، فقد يعزم الإنسان على عمل الخير ثم لا يوفق إليه ويتورط في الشر، وقد ينوي القيام بمشروع مهم فتحول دونه الموانع، وقد يكون معوزا فيفاجأ بهبة من صديق، أو وصية من قريب، وقد يكون معتمدا على راتبه من الوظيف الذي يشغله، فيفاجأ بالطرد من الوظيف والتعرض للخصاصة والفقر، وقد يكون منتظرا لربح عظيم، فتنزل به خسارة عظمى، أو يقبض الله روحه فجأة، فتنتقل مكاسبه في الحين إلى ورثته، وهكذا دواليك.

ثم قال تعالى: {وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ}، فقد يكون الإنسان مصرا على أن يقضي حياته ببلده إلى الموت، ثم ترمي به الأقدار خارج بلده لسياحة أو تجارة أو علاج، أو طلب علم أوصلة رحم، فإذا به يلقى الموت في بلد لم يخطر له ببال، ويموت ويقبر حيث يشاء الله، {إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}.

والآن وقد انتهينا من تفسير سورة لقمان ننتقل إلى سورة السجدة المكية أيضا، وهي آخر سورة في سلسلة السور المبدوءة بالحروف الهجائية المقطعة، التي وردت متتابعة على التوالي، ابتداء من سورة الشعراء، وانتهاء عند هذه السورة. وسميت (سورة السجدة) أخذا من قوله تعالى في الآية الخامسة عشر: {إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ}.

وقد تصدى كتاب الله في بداية هذه السورة للرد على خصوم القرآن، وتبيين الرسالة العظمى التي جاء بها لهداية الخلق،

<<  <  ج: ص:  >  >>