بحقوق الطرفين فإن صاحب الحق يقبض رهنا من الطرف الثاني، ضمانا لحقه إلى حين الوفاء، ويمكن حيازة الرهن منه في السفر والحضر، وإن كانت الآية إنما أشارت إلى حالة السفر بالخصوص، لظهور الحاجة فيها إلى الرهن أكثر، وواضح أن الرهن هنا قام مقام الشاهد، بحيث إذا اختلف الراهن والمرتهن فالقول قول المرتهن.
وقوله تعالى:{فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ} يمكن تفسيره على وجهين:
الوجه الأول - إن المدين المؤتمن على الدين، والدائن المؤتمن على الرهن، مدعوان معا، كل فيما يخصه، إلى رد ما ائتمنه عليه الطرف الثاني.
الوجه الثاني - أن يعتمد الطرفان في معاملتهما على مجرد صفة الأمانة دون وثيقة ولا رهن ولا شاهد، ففي هذه الحالة يبقى الأمر كله موقوفا على التزام المدين المؤتمن بأداء ما اؤتمن عليه.
والتعقيب عليه بقوله تعالى:{وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ} منطبق على كلا الوجهين، ففي الوجه الأول يظهر تقوى الله بتسديد الدين كاملا غير منقوص من طرف المدين، وبإعادة الشيء المرهون على وجهه دون تغيير ولا تبديل من طرف الدائن، وفي الوجه الثاني يظهر تقوى الله على أكمل وجوهه بأداء المدين لما عليه، رغما عن عدم أي سند يلزمه بالأداء ما عدا خوف الله وتقواه. قال (ابن العربي) المعافري: " وجملة الأمر أن الإشهاد حزم، والائتمان ثقة بالله من المداين، ومروءة من المدين ".