للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أنبيائه ورسله، والخطاب يعم كل فرد من أفراد أمته، فأمره بالتقوى، والأمر بتقوى الله لمن هو متلبس بها، بل بأعلى درجاتها - كما هو حال الرسول - أمر بالازدياد منها، والديمومة عليها، كما حذره من كيد الكافرين وخداع المنافقين، حتى لا يركن إليهم إذا تقدموا إليه برأي أو مشورة أو طلب، وما أكثر الحبائل التي نصبوها لدعوته، والحيل التي دبروها لتثبيطه عن أداء رسالته، ودعاه إلى اتباع الوحي الذي ينزل عليه من ربه، والعمل به دون تساهل ولا هوادة، فباتباعه يتحصن من مكر أعداء الله وخداعهم، وينجو من دسائسهم ومؤامراتهم، ثم أمره بعد ذلك بالتوكل على الله، والاعتماد - بعد اتخاذ الأسباب - على تدبير مولاه.

وفي خلال هذه الأوامر والتوجيهات الإلهية اختار كتاب الله جملة من أسماء الله وصفاته، لها علاقة وثيقة بالموضوع، ومناسبة تامة للمقام، ألا وهي اسم (العليم)، لأن الله هو الذي يعلم حق العلم الحق من الباطل، والصواب من الخطأ، واسم (الحكيم) لأن الله هو الذي يدبر أمر عباده أحكم تدبير، ويضع الأشياء مواضعها دون خلل ولا تقصير، واسم (الخبير)، لأن الله هو الذي يعلم سرائر الخلق وأسرار الخليقة، على وجه الحقيقة، واسم (الوكيل) لأن الله هو الذي يتولى حفظ أوليائه، ويعصمهم من كيد أعدائه، وبهذا التفسير المستطاب، يتضح معنى الآيات الأولى من سورة الأحزاب. قال تعالى: {بسم الله الرحمن الرحيم يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ

<<  <  ج: ص:  >  >>