للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا * وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا * وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا}.

وقوله تعالى في بداية هذه السورة: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ}، كقوله تعالى في سورة الأنفال (٦٤): {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}، وقوله في سورة التوبة (٧٣) وسورة التحريم (٩): {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ}، هذا أسلوب قرآني خاص، يستعمله كتاب الله عند مناداة رسوله الأعظم، فيناديه: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ} أو {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ}، تنويها بقدره، وتشريفا لأمره، بينما يقتصر في نداء غيره من الرسل والأنبياء، على مجرد ذكر الأسماء، فيقول مثلا: يا آدم، يا نوح، يا إبراهيم، يا موسى، يا داوود، يا عيسى، وهذا لا ينقص من قدرهم، إذ هم جميعا في أصل النبوة والرسالة سواء، صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.

ثم قال تعالى: {مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ}، إشارة إلى أنه لا يمكن أن يجتمع في قلب واحد إيمان وكفر، كما يتصور المنافقون، إذ يحاولون التظاهر بالإيمان، بينما قلوبهم منطوية على الكفر، فالكفر لا يجتمع مع الإيمان، كما لا يجتمع الشك مع اليقين، والشرك مع التوحيد، والانزعاج مع الطمأنينة في وقت واحد، وحالة واحدة.

وجاء كتاب الله في نفس السياق بحالتين عرفتهما الجاهلية قبل الإسلام، فدعا إلى الحد منهما وإبطال مفعولهما: الحالة الأولى هي (الظهار) من الزوجة، واعتبارها بمنزلة (الأم) والحالة

<<  <  ج: ص:  >  >>