إلى مقاومة أحزاب الشرك والكفر، ووافق على إقامة خندق للدفاع عن المدينة، وكان أول من شمر عن ساعده، وتناول آلة الحفر وآلة تفتيت الصخر بيده الكريمة، إلى جانب أصحابه الكرام، وهم يقومون بحفر الخندق، فكان حفره بقيادة رسول الله وبركته من أعظم المفاجآت، التي حالت بين تلك الأحزاب والاستيلاء على عاصمة الإسلام الأولى.
ولما كان الائتساء برسول الله والاقتداء به على الوجه الأكمل، مقاما كبيرا في الدين، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم يمثل الإنسان الكامل بين العالمين، نبه كتاب الله على أن هذا المقام لا يبلغه إلا الأصفياء الأتقياء من أقوياء الإيمان واليقين، وهذا معنى قوله تعالى:{لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا}، بعد قوله:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}.
وقول المؤمنين عندما رأوا تألب الآلاف المؤلفة من أحزاب الشرك والكفر عليهم:{هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ}، إشارة إلى قوله تعالى فيما سبق من سورة البقرة، وهي أول سورة نزلت بالمدينة، مخاطبا للمؤمنين الأولين (٢١٢): {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ}، وقولهم {وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ} إشارة إلى قوله تعالى في ختام تلك الآية: {أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ}.
وقوله تعالى:{فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ}، أي من وفى