بما عاهد عليه الله، كمن كان عليه دين وقضى دينه، واستعمل (النحب) هنا بمعنى النذر يلتزم به الشخص، أو العهد الذي يأخذه على نفسه، {وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ}، أي: من ينتظر الشهادة في سبيل الله وفاءً بالعهد، وانتظاراً للوعد، {وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا}، أي: ما بدلوا نذرهم ولا عهدهم، والله تعالى لا يخلف وعدهم.
وقوله تعالى:{وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ}، معناه أنهم إذا ماتوا على النفاق عذبوا وكانوا في الدرك الأسفل من النار، وإذا تابوا من نفاقهم وآمنوا حق الإيمان تاب الله عليهم، وألحقوا بالمؤمنين الأبرار، {إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا}.
ثم تولى كتاب الله وصف النهاية الفاشلة التي انتهى إليها حلف أحزاب الشرك والكفر ضد الرسول والمؤمنين، ووصف النهاية الظافرة، التي توجت جهود المقاومة الإسلامية، برحيل تلك الأحزاب، وعودتها من حيث أتت بخفي حنين، وتقليم أظفار يهود بني قريظة، الذين بادروا إلى نقض عهدهم مع المسلمين، والتحالف مع الأحزاب، بمجرد زحفها على المدينة، أملا في القضاء على الإسلام، والتخلص منه في الحين. فقال تعالى:{وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا}، أي: ردهم بأخسر صفقة، خائبين منهزمين، ممتلئين غيظا وحنقا، {وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ}، أي: بما آتاهم من عون ظاهر وخفي، فقد وفقهم إلى مفاجأة المغيرين بما لم يكن في