على حكمي" فأبوا، فقال:(على حكم سعد بن معاذ) فرضوا به، لأن سعد بن معاذ كان هو سيد الأوس، والأوس كانوا في الجاهلية حلفاء لبني قريظة، فاستدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة، حيث كان نازلا في قبة بالمسجد النبوي، يعالج فيها من سهم أصابه أيام الخندق، فلما حضر ودنا من الخيمة التي فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم قال رسول الله:(قوموا إلى سيدكم)، فقام إليه المسلمون وأنزلوه من مطيته، إجلالا واحتراما له في محل ولايته، ليكون ذلك أنفذ لحكمه، فلما جلس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن هؤلاء - وأشار إلى بني قريظة ومعهم سيدهم كعب بن أسد الذي نقض العهد- قد نزلوا على حكمك، فاحكم فيهم بما شئت، فقال سعد:(وحكمي نافذ عليهم؟) فقال رسول الله: (نعم) ثم قال سعد: (وعلى من في هذه الخيمة؟) قال رسول الله: (نعم) ثم قال سعد: (وعلى من هاهنا) - وأشار إلى الجانب الذي فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو معرض بوجهه عن رسول الله إجلالا وإكراما - فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(نعم)، فنطق سعد بن معاذ بحكمه بعد أن ارتضاه الجميع حكما، والتزمت الأطراف المعنية كلها تنفيذ حكمه، وقال:(إني أحكم أن تقتل مقاتلتهم، وتسبى ذريتهم وأموالهم) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لقد حكمت بحكم الله تعالى من فوق سبعة أرقعة)، أي: من فوق سبع سماوات. وكان مقاتلتهم ما بين سبعمائة إلى الثمانمائة، وذلك ما يشير إليه قوله تعالى هنا في نفس السياق بغاية الإيجاز والإعجاز:{وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا * وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَمْ تَطَئُوهَا}، لأنها كانت خاصة بهم،