الفراق عطاء مناسبا، من باب المواساة والتسلية، والعون على اجتياز مرحلة الفراق الصعبة، في انتظار استئناف حياة زوجية جديدة، وسبق في سورة البقرة (٢٣٦) قوله تعالى: {وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ}، وقوله تعالى في آية أخرى (٢٤١): {وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ}، أما نتيجة استفتاء الرسول لأزواجه حول نمط العيش الذي يرغبن فيه، ويحرصن عليه، فقد كانت هي موافقة الواحدة تلو الأخرى، عن رضى واقتناع، على البقاء في عصمته، والتمسك بعدم مفارقته، والاكتفاء بما قسم الله له في معيشته، تعلقا بمحبته وطاعته.
وإشعارا لأزواج الرسول عليه السلام، بالمكانة الخاصة التي يتمتعن بها، والمسؤولية التي تقع على عاتقهن بسبب وجودهن في بيت الرسول، وكونهن من أهله، وموضع الاقتداء لأمته أخبرهن كتاب الله من باب التنبيه والتحذير: أنه كلما عظمت الحرمات، تضاعفت عند هتكها العقوبات، وكلما ازداد الفعل قبحا ازداد عقابه شدة، وذلك قوله تعالى وهو يخاطبهن في نهاية هذا الربع:{يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا}.