وهذا الحل الذي نطق به كتاب الله في الآية السابعة والثلاثين من هذه السورة هو النتيجة المنطقية المستخلصة من قوله تعالى في الآية الرابعة منها:{وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ}، إذ بمقتضى هذه الآية أصبح الابن الذي ليس بابن الصلب - وهو الذي وصفه كتاب الله بوصف (الدعي) والجمع (أدعياء) - شخصا أجنبيا عن متبنيه السابق، وأصبح هذا المتبني - الذي كان يدعى (أبا) بالرغم من أنه ليس بأب - مسموحا له بالزواج من امرأة الابن الدعي، متى فارقها وأنهت عدتها، لأنها بالنسبة إليه زوجة أجنبي عنه، وليست زوجة ابنه الحقيقي، والمحرم على الآباء هو الزواج بزوجات أبنائهم الحقيقيين من الصلب، لا زوجات أدعيائهم الذين وقع تبنيهم وليسوا من أبنائهم الأصليين، مصداقا لقوله تعالى فيما سبق من سورة النساء (٢٣): {وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ} ويلحق بهم الأبناء من الرضاع، إذ (يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب).
وعن هذه النازلة الفريدة المليئة بالعبر تحدث كتاب الله مخاطبا رسوله الصادق الأمين الذي لا يكتم وحي ربه ولا يمين، مبينا ما تضمنته من حكم وأحكام، فقال تعالى: {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى