للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تدخله المباشر لما قبلت الزواج بزيد مولاه، وبالرغم من هذه الخواطر التي كانت تشغل بال الرسول عليه الصلاة والسلام فيما بينه وبين نفسه، والعواقب التي كان يتوقعها من فراق زيد لبنت عمته ومصيرها بعد فراقه، لم يشأ أن يبت في هذه المشكلة بمجرد الاستنتاج والاجتهاد، وكان عليه أن ينتظر، حتى ينزل في شأنها وحي إلهي صريح، فقد كان يخشى على الناس أن يقعوا في الفتنة من جراء قصة زيد التي لها طابع خاص من جهة، لما احتف بها من الظروف والملابسات، وطابع عام من جهة أخرى، لأنها أول سابقة من نوعها في حياة العرب ينطبق عليها حكم الإسلام الصارم، بعد ما ألفوا (التبني) ورتبوا عليه آثاره الباطلة قرونا طوالا، لا سيما والمرجفون من المنافقين مندسون بين أظهرهم، يتحينون الفرص للدس والإرجاف وبث البلبلة، فجاء كتاب الله بحل هذه المشكلة النفسية والاجتماعية، معلنا بالنسبة لزيد وزينب إذنه لرسول الله الزواج من بنت عمته، بعدما أصر على فراقها زيد مولاه، وفارقها من تلقاء نفسه، وبذلك يتحدد مصير بنت عمته، فلا تبقى أيما دون زوج، ولا تذوق ألم الإهمال والغربة، مع ما يتبعهما من غم وكربة، ويكافئها الله على طاعتها لرسوله بقبول الزواج من مولاه - لفتح الباب في وجه المصاهرة بين العرب والموالي- في البداية، فتصبح من بين أزواجه أمهات المؤمنين في النهاية: {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا}، ومعلنا في نفس الوقت أن النهاية التي آلت إليها قصة زيد إنما هي نموذج خاص للحكم العام الشامل، الذي تندرج تحته كل مشكلة من هذا النوع، بالنسبة للسلف والخلف: {لِكَيْلَا يَكُونَ

<<  <  ج: ص:  >  >>