أحل الله لرسوله من الزواج، فقال تعالى مخاطبا نبيه:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ}، وأطلق لفظ (الأجور) هنا على نفس (المهور) تجوزا وتوسعا، وإن كان الصداق والمهر ليس بأجرة، وعقد الزواج ليس عقد إجارة، وإنما قال تعالى:{اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ}، إشارة إلى أن سوق المهر إلى الزوجة عند العقد عليها والدخول بها أفضل من تسميته وتأجيله، فاختار الله لرسوله الأفضل والأولى، قال جار الله الزمخشري:(وكان التعجيل- أي: بالمهر- ديدن السلف وسنتهم، وما يعرف بينهم غيره).
ثم قال تعالى:{وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ}، أي: مما أحل لك من الغنائم، {وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالَاتِكَ اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ}، أي: اللاتي دخلن في الإسلام وهاجرن معك إلى المدينة، {وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ}، أي: عرضت نفسها للزواج به دون مهر، {إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا}، أي إن أراد الزواج بها، وقد كانت إباحة الزواج على هذه الصفة من خصائص الرسول وحده، إذ لا يصح زواج أحد من أمته إلا بمهر، ولبيان الصفة الاستثنائية لهذه الحالة من الزواج قال تعالى هنا في نفس السياق:{خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ}، إذ الرسول وأمته سواء في الأحكام، إلا فيما خصه الدليل، لكن الرسول عليه السلام بالرغم من إباحة الزواج بالهبة له خاصة لم يتزوج إلا بمهر، لأن اختيار هذا النوع من الزواج علقته الآية الكريمة على رغبته وإرادته: {إِنْ أَرَادَ