للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا}، فلم يكن إذن ملزما بقبول الهبة، وقد روى عن ابن عباس ومجاهد أنهما قالا: (لم يكن عند النبي صلى الله عليه وسلم امرأة موهوبة).

وبادر كتاب الله إلى التنبيه في هذا السياق على أن تخصيص الرسول ببعض الأحكام يقتضي قصرها عليه، وعدم السماح بتطبيقها على كافة المؤمنين، فلا بد أن يقفوا عندما حد لهم الشارع من شروط وقيود، سبق علم الله بها، وقضاؤه بحكمها، وإلى هذا المعنى يشير قوله تعالى في جملة اعتراضية: {قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ}، أي: على المؤمنين، {وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ}، وعقب كتاب الله على ما خص به نبيه فقال: {لِكَيْلَا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا}.

ثم عاد سياق الآيات إلى موضوع أزواج الرسول، فتحدث كتاب الله إلى نبيه عن طريق معاملته لأزواجه في نطاق الحياة اليومية، والعشرة الزوجية المثالية، وفوض له في ذلك، انطلاقا مما وصفه الله به من (الخلق العظيم) وأنه (بالمؤمنين رؤوف رحيم)، فقال تعالى: {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ}، فلكل واحدة منهن حق معلوم في رعاية الرسول ومودته، وحظ مقسوم في التمتع بحسن عشرته، ولذلك قال تعالى مؤكدا هذا المعنى الإنساني الرفيع، وكاشفا عما فيه من سر بديع: {ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلَا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَا آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ}، فالله تعالى

<<  <  ج: ص:  >  >>